الجمعة، 11 سبتمبر 2015

قضية وطنية


منذ فترة طويلة جدًا لم ألتقِ بقلمي، ولم أستدعِ أفكاري المبعثرة بين قلبي وعقلي لأحوكها وأبلورها في نصٍّ ما.

اليوم، قررت أن ألجأ إلى قلمي لأكتب شوقي إلى بلدي ووطني، إنه الرّياض، وطن الصحراء الحارّة كحرارة شوقي إليها الّذي وصل إلى أعلى الدرجات كتلك الّتي تصادفها عند الظّهيرة في فصل الصيف، والّتي تختلف عن بلاد الغربة.


ألتقي بحرفي الّذي قد يروي بعض الحنين العبرات بعبارات ، أتمنى أن تكون ألوانها متناسقة لتسرّ من ينظر إليها.


إلى الوطن العزيز عندي الّذي بلغ قدره عندي عنان السماء على الرغم من قسوتك بسطوتك عليّ، بنظامك اللامبالي الفوضوي العالي.


مررنا ككل مواطن سعودي بسيط بظروف صحية عارضة لوالدي أطال الله بعمره بوافر الصحة وطاعة ربه الكريم واسع الفضل والمنة، إذ أصيب بضيق في التنفس وسعال يحبس الأنفاس بقوة وامتداد غير منقطع بالليل خصوصًا، إذ لا يتذوق جفنه النوم وبدنه الرّاحة،ذهبنا إلى المستشفيات الخاصة تدرجاً من الأصغر إلى الأكبر، فلم نخرج بنتيجة تذكر تكشف العلة حتى تزول الغمة بعد فحوصات مخبرية وإشاعات صدرية.

النتيجة التي نجمت عن عبقرية فذّة عند الأطباء المحترمين خصوصاً في قسم الطّوارئ، فمنهم مَنْ اجتهد، و حوله إلى قسم الصدر لنخرج بأن الرّئة سليمة والحمدلله، وعليه أن يأخذ العلاج اللازم من خلال مسكّن خفيف أو أوكسجين يخفف بعض المعاناة، ولأننا لم نقتنع قررنا أن نتوجّه صوب المستشفيات الحكومية الموقرة التي يصعب توفر السرير فيها وعبر الطّريق القصير بنظرنا وصلنا إلى قسم الطّوارئ وطال بقاؤنا فيه من 12 إلى 24 ساعة تقريباً والأمر يعود إلى اعتبار حالة والدي الصحية حالة عادية وغير مقلقة وليست بخطيرة وفاقًا لرأي الأطباء الحكوميين العاملين ومن يقع تحتهم. و يعملوا كما عمل الأمر نفسه في المستشفيات الخاصة والفحوصات نفسها، و طبعاً النتيجة كانت ذاتها، والمقترح نفسه بالتّحويل إلى قسم الصدر حيث ظهرت النتيجة على أنّ الرّئة سليمه والحمدلله، وقررنا بعد هذا السيناريو المتكرر لمدة أربعة شهور ونيف السفر إلى ألمانيا و تحمّل التّكاليف الباهظة على حسابنا الخاص. وبعد تشخيص حالة والدي بالفحص الشامل والدّقيق وتكرار الفحوصات غير مرة، إذ لم تظهر النتائج واضحة بعد ما ظهر لهم سلامة الصدر، توجهوا إلى كلّ شئ له علاقة بالتنفس، و ركزوا على الأنف والحنجرة فوجدوا الأنف سليمًا، فعمدوا إلى تكثيف البحث في الحنجرة، حتى وجدوا في الإشعة شياً غير طبيعيّ في الحنجرة، اقتربوا أكثر عن كثب عبر أخذ عينة من الحنجرة وخزعة منها، لي كتشفوا السبب وهو وجود ورم في الحنجرة قد أغلق مجرى التنفس منذ أربعة شهور. وفي هذه الفترة، تطورت الحالة بشكل مخيف طبعاً والخطأ الأكبر يقع على عاتق مستشفياتنا وأطباءنا الّذي لم يكتشفوا أو حتّى اشتبهوا بهذا الورم، ومع قراءتي الخاطفة عبر الأنترنت لطبيعة المرض، عرفت أنّ الأعراض واضحة وظاهرة ومجتمعة على والدي _الله يشفيه_ويشفي مرضانا ومرضى المسلمين أجمعين.

كانت خطة العلاج المقترحة استئصال الورم بنتائج مضمونه مع مخاطر العملية بسب وضع الصحي العام لوالدي، والاتجاه الآخر يكمن في العلاج بنسبة نجاح أقل من العملية في الاستجابة إلى العلاج.

بعد الدّعاء والاستخارة والاستشارة، ظهر لنا حل جديد في مستشفى مختلف بمدينة أخرى عن طريق صديق قديم للعائلة، ألماني الجنسية، سوداني الأصل، وهو الذي جزاه الله خيرًا وبارك في جهوده ومساعيه و سخر لنا جميع موظفيه لخدمتنا وجد أن الحل كان عبر البدء بالعلاج، اذا لم يستجب لا قدر الله . انتقلنا إلى العملية، وبعد الفحص بدأوا العلاج والحمدلله استجاب والدي له، وهو الآن في طريقه إلى الشفاء _ بإذنالله_ واقترحوا علينا إرسال أوراقنا وتقاريرنا إلى الملحقية الصحية الّذي كان ردّه أكملوا طلبات المعاملة كاملة. وبعد أن تمّ ذلك، جهزت عدة العلاقات والمعارف لمساندة قضيتنا الوطنية وهي تحوّل العلاج من حسابنا إلى علاج على نفقة الدّولة، وبعد الانتظار والاتصالات المتبادلة بينا وبين المعارف، وبين وزارة الصحة والملحقية لم نكتفِ بالاتصالات، بل قمنا بالمراجعات الشخصية، أتىالرّد والحمدلله خرجت المعاملة من الوزارة إلى الملحقية في ألمانيا. 

وبعد الانتظار الذي لا يجدي نفعًا، سافرت الى الملحقية في برلين التي تبعد نحو600 كلم تقريباً،وكان الرّد منهم وبعد مقابلة الملحق الصحي وشرح قضيتي بأن يحوّلني إلى الموظف المسؤول الّذي أطلعني على أمر سرّي للغاية بيّن سبب رفض معاملتي لعدم اكتمال المتطلبات الرّوتينية البيروقراطية من ضمن تقارير والدي المفصلة البالغة أكثر من عشرين ورقة، والأوراق عبارة عن تقريرَين من أقسام الطّوارئ الحكومية بالسعودية مكتوبة بخط اليد، وهذان التقريران لا يُغنيان شيئًا ولا يسدّان جوعا ولا يفيدان أمرًا. والسؤال الّذي يتبادر إلى ذهني الآن: من المسؤول يا وطني العزيز عنا؟  



محمد بن إبراهيم بن زعير

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق