يستحضر المواطنون خلال ذكرى التأسيس المجيدة
امتداد الوفاء والانسجام بين القيادة والشعب الممتدة لأكثر من 300 عام، التضحيات الجسيمة
في تكوين الدولة العظيمة! ظلال الأمن والاستقرار! صهر القيم وإنتاج الهوية الوطنية
الشاملة، من الإمام محمد بن سعود -غفر الله له- إلى العهد الميمون خادم الحرمين
الشريفين سلمان بن عبد العزيز -سلمه الله-.
"درعيـة بــــزغت في بدء مولدهـــا وأثنت في مغيب الجهل مصطحبا
محمـد الشهم .. نهج الدين رايته ما مال رأيا إلى الإضلال أو جنحا
وخلفه ملك .. من بعده مـــلك تعمق الملك في الأنساب ما نزحا"
أ. منى البدراني.
الدرعية أرض الحضارة، نهر البطولات، مركز
التجارة، الحصن المنيع.
ازدهرت في منتصف القرن التاسع حوالي 850 هجري،
مع مانع المريدي الحنفي جد الأسرة المالكة، 600 سنة من الأمارة.
تحولت وتطورت إلى الدولة السعودية الأولى على
يد الإمام محمد بن سعود -رحمه الله-.
في 1139هـ تأسست أبجديات خارطة الدولة بمجموعة
أعمال منها:
·
بسط الأمن على الحدود المتوسعة.
·
فرض الهيبة على الأمارات المجاورة.
·
نشاط الدعوة السلفية بتعاون مع الشيخ محمد بن عبد الوهاب -رحمه
الله-، وتحلُّق طلاب العلم من كل حدب وصوب، واستيطانهم.
·
الحركة التجارية، تداول العملات المتنوعة.
تدور رحى الأيام بالجراح والشهداء وصولًا إلى
تمكن الإمام تركي بن عبد الله -رحمه الله- راعي الأجرب، الذي اقتحم الحاميات الأجنبية
وأخرجها وبذلك يعلن عن الدولة الثانية، وينشد أبياته 1240 هـ:
"وأحـصنت نجدٍ عقـب ماهي تطـرى *** مصيونـــــــــة
عن حر لـــفح المـــذاري
والشـــرع فيها قد مشى واستمــرى *** يــــقرا بنا درس
الضحى كل قــــــاري
ولا سلت عن من قال لي لا تزرى *** حـطيت الأجرب لي خويٍ
مباري
نــــعم الصديق ليا صطا هم جرى *** يــــــودع مناعيــر
النشــــــاما حـــبــاري"
استمرار العصر الثالث الملك عبدالعزيز (طيب
الله ثراه) سليل الحكام، إصراره يخطف الأنظار، ويجدد الآمال في حملة استعادة
الرياض من منظورها الاستراتيجي العسكري من تحليل اللواء الركن المتقاعد خالد
المرعيد.
المرحلة الأولى: إعداد قواته بتنفيذ غارات
هجومية.
ثم المرحلة
الثانية: الاختفاء والتواري عن الأبصار والتحضير النهائي للمعركة.
أخيراً الثالثة: الهجوم الخاطف وتحقيق النصر في
1319هـ.
بوأت نفسك عرشا لم تشهده يد سوى يديك وهذا العزم مشدود
ونلت بالسيف ملكا أنت سيده ولـــم يولــــــــــــك مرســـــــــوم
وتقليــد
لله أنت ومن (جبرين) قد وثبت إلى (الرياض) بـــــك المهرية القود"
أ.فؤاد الخطيب.
إنجازات جلالته كثيرة في الدولة الحديثة المتدرجة
فترة التوحيد على سبيل المثال:
·
السياسية: تشكيل مجلس الشورى والوزارت (المالية، الدفاع،
المواصلات، ...)
·
الاقتصادية: اكتشاف البترول وانبثاق عدة هيئات ومديرات (المحكمة
التجارية، مديرية الزراعة، مؤسسة النقد).
·
التعليمية: ونواتها مديرية المعارف، استقدام المعلمين من
الدول العربية.
·
الصحية: العلاج المجاني ومصلحة الصحة والاهتمام بحجاج البيت
الحرام.
الدرعية في بعثها الأخير سكنها مجموعة أسر من
ضمنهم (الزعير) المذكورة في كتاب: (الدرعية العاصمة الأولى)، تأليف الأديب: (عبد الله
الخميس) -رحمه الله-.
نبعها يفيض بالأمجاد، كما هو الحال في سائر
تراب البلاد الغالية، كانت ولادة الجد فهد بن محمد بن زعير عام 1299هـ، كان نحيل
الجسد، طويل القامة، حنطيّ اللون، أقرب أبناءه شبهًا به؛ ابنه صالح -رحمهما الله-.
سلك
سبيل التعليم المنتشر في ذلك الزمان من تلاوة للقرآن الكريم، ودراسة أساسيات
العلوم الدينية، والقراءة والكتابة.
حين بلغ العشرين من عمره انخرط في خدمة الدين
والوطن مع صقر الجزيرة، كان ذلك في عام1321هـ، حيث شارك في معارك عديدة، أبرزها: روضة
مهنا، جراب، البكيرية، الرغامة، الطرفية، حصار جدة، كذلك أفشل حركة العصاة
الممتنعين عن آداء الزكاة.
تحكي لنا جدتي منيرة السبيعي زوجة ابنه محمد -رحمهما
الله-، عن حال المقاتل فهد بعد الغزوات، وما كان يظهر عليه من التعب وتمزق الثياب،
مما يدل على الشجاعة والالتحام ضد صفوف الخصوم.
بادر ابن زعير وقت إدارة القنفذة بروح وطنية في
الانضمام إلى المقالتين في (معركة السبلة)، فاستأذن من الملك، وكان جواب الملك له موجزًا:
"وجودك على رأس العمل أهم".
ينقل لنا جدي محمد بن فهد في لقاءين معه في (كنت
مع عبدالعزيز)، صحيفة الجزيرة، حاوره أ. محمد الوعيل، أنه أثناء أمارة تركي بن
عبدالعزيز -رحمه الله- على منطقة القصيم كان حسن تصرف والده ونباهته ظاهرة، بصفته
موظفًا رفيعاً مع بعض بطانة الأمير الشاب في نصحهم في تطبيق أوامر الأمير مباشرة،
لكن ترددوا لحداثة سنه عادوا إلى الملك الذي حسم الأمر بأن نجله الأول محل الثقة.
وفي مقالة للأستاذ صلاح الزامل التي بعنوان (فهد
بن زعير المحنك والحكيم)، أشار إلى استعادة الأحساء 1331هـ ، حيث سار الملك
عبدالعزيز في جيش من حواضر نجد وبواديها إلى الكوت في الهفوف وانتخب (600) رجلًا، من
أولي البأس الشديد منهم ابن زعير، واقتحموا الحامية التركية من ثلاث نواحي.
والسرية الأخرى (400) رجلًا، مع عبد الله بن جلوي تحمي ظهورهم، وسيطروا على مقرهم
ثم رحَّلوا الجنود مع عوائهم.
كذلك حمل ابن زعير الراية في حصار المدنية
المنورة تحت زعامة محمد بن عبد العزيز -رحمه الله-.
كسب فهد بن زعير الثنائيات وأسهم في التوحيد،
والبناء، ورفع جودة الاقتصاد، والتنمية المحلية التي تجلت واضحة في القنفذة التي وُلِّي
عليها فترتين.
الجانب السياسي في منطقة المخلاف السليماني:
بعث وفد برئاسة فهد بن زعير يقابله (عبد الله العرشي) لحل نزاع حول جبلين (العر) و(منبه)،
حُسِم الخلاف بتنفيذ الرغبة الملكية السعودية بالتنازل إلى الضفة الأخرى وربح حسن
الجوار.
لاحقا
أصبح ابن زعير مندوبًا ساميًا 1350هـ، يكرم ضيوف الدولة ويعين كبار موظفيها بمشورة
مع الحسن الإدريسي.
تعميد ابن زعير من ولي الأمر بالاهتمام في شؤون
الناس مع مراعاة خواطرهم، ويعاونه في الاستخبارات وتقديراتها: تركي بن ماضي.
الفوضى بدأت تدب في أنحاء المنطقة، والقلاقل
تحيط في المكان، وهي على صفيح ساخن ولأخبار تتوارد عن رائحة الغدر ومراوغة الثعلب
مع المتمردين المحرضين من الحزب المعارض الخارجي، واجهه الحس الاستخباري، وبياناته
المتقطعة، ورسم الصورة الكلية واليقظة من تركي بن ماضي، ورفعها إلى فهد بن زعير
والملك والوضع يعج بالغموض، والترقب سيد الموقف.
أضرم لهيب لسان الثورة تبعاً فاتحة احتجاز كبار
المسؤولين السعوديين، بلغ الخبر إلى فهد بن زعير، فحزبه الأمر الواقع، وهو الحريص
المتجلد! تنحدر كرة الثلج وتتعملق، تسلسل الأحداث، تحتد الأزمة، وتزداد رياح
الإشاعات، أرسل ابن زعير عائلته إلى بر الأمان في الحجاز، ظفر بولاءات القبائل
للنظام السعودي، شطر منهم نكص على عقبيه، وآخر التوصيات الملكية عبر البرقيات بالثبات،
قام ابن زعير مع 30 فارسًا، بتخزين الذخيرة والمؤن في قلعة اللاسلكي، وتعطيل مدافع
الخصم، صيحات المعركة وأزيز الرصاص ملأ الأجواء، صمد المدافعون وقاموا ببسالة
وطوقوا ثم وقعوا في الأسر.
الإخلاص ومعجزة النجاة! يروي الأب شاهد عيان محمد بن فهد عن بطولة
(محمد باصهي) -رحمهما الله- الذكي، المثقف، الجواد من أعيان جازان وتجارها، وضع
خطة متقنة في مغادرة المساجين وتأمينهم إلى وصول القوات السعودية حماية وحفاظ على
أنفس المحتجزين من القتل.
الرجال لم يقتنعوا فيها لكن مع محاولات الإقناع
من ابن زعير اقتنعوا، فنفذت وجهزت السيارات والذخيرة من باصهي وكتب لهم حياة
جديدة، وعادوا إلى الكر مع طلائع جيوش النجدة الحكومية.
الشيخ
باصهي بُطش به وأُزهقت روحه، كانت الأحقاد تملأ صدور المناوئين.
عضوية
فهد بن زعير 1350 في معاهدة الصداقة بين جلالة الملك عبد العزيز والإمام يحيى حميد
الدين اتفق على ثمانية مواد موقعة ختمت بها الثورة.
محمد
كريري: "رحم الله فهداً، كان أحد الأعمدة التي قام عليها تاريخ جازان
الحديث"
"يوم ان ابن سعود نادى موحــــــد ياهل الشدايد حلّ ليل الشدايد
جاد بْها ابن زعير والعاصي هجَد وماراح فبيمناه فِشْويّ عايد
ياناصي ابن زعير أبشر وتَسْعَد ياكيف ماتَسْعَد وهذي العوايد
ذي نـار خيره باقي اليوم توقَـد وذا طيب ذكره والمجالس شهايد"
د.بندر بن صالح الزعير.
الأمارات التي تولاها:
-
إمارة القنفذة: ( 1345-1350هـ ).
-
إمارة جازان ( 1350- 1352هـ).
-
إمارة القنفذة الثانية (1352 - 1354هـ).
-
إمارة رنية ( 135- 1358هـ).
-
إمارة الأفلاج ( 1358هـ إلى أواخر عام 1376هـ
).
يقول
المؤرخ عبد العزيز الجذالين: كان فهد بن زعير مقرباً من الملك عبد العزيز، كان
حكيماً حازماً ذا دين وخلق وتواضع، وكانت له مكانة عند الملك سعود -رحمه الله-،
وقد زار الملك سعود الأفلاج فاستقبله الأمير فهد بن زعير والأعيان.
يتحدث
حفيده الفريق المتقاعد: سليمان محمد بن زعير -رحمه الله- عن تكليفه من المعلم في
إلقاء قصيدة أمام جده فهد، وهو في الرابع الابتدائي في حفل استقبال الملك سعود -رحمه
الله- في الأفلاج 1373هـ.
محمد
بن فهد الزعير الملازم لوالده وتمرس في الإدارة ومهاراتها، وفنون الحرب، وورث
اجتماعياً أسلوب الإقناع أحد مظاهره فك حجر فتاة لابن عمها، وتزويجها قريبها
الأبعد الذي أثمر صبره.
حالياً ينفذ مشروع إصدار تحت الطباعة عن فهد بن
زعير بقلم الباحث أ.حميد الأحمد بذل الجهود الفاعلة، بسخاء وقته، وفلسفة فكره. استهلال
مقدمة د.أحمد العساف أنتقي من شذراتها "ذرية الأمير ابن زعير من أبناء وأحفاد
ومن بعدهم، واصلوا مشوار الجد في خدمة الحكومة والمجتمع عبر عملهم في قطاعات عبر
عملهم في قطاعات عدة، وتلك ذرية بعضها من بعض".
يقول عبدالرحمن السحمان:
"ابن زعير ليس تاريخاً يُروى، وإنما رواية للتاريخ..!"
الأبناء:
-
محمد الزعير (مستشار بالمرتبة 15 بالحرس الوطني).
-
صالح الزعير (أمير المزاحمية).
-
عبد الله الزعير (مساعد رئيس شؤون الأفراد).
-
عبدالرحمن الزعير (عقيد الحرس الوطني) رحمهم الله جميعاً.
وفي عام 1381هـ توفي الأمير فهد بن زعير-رحمه
الله-، في الدرعية، بعد عطاء دام وزاد عن نصف قرن.
وأنا اليوم مزهوًّا أدوّن تاريخ جدي وكفاحه بعد
146 سنة من ميلاده، حيث ورّث أسرته مسك سمعته، ونال الوفاء والتشريف والاحتفاء من
الحكومة الرشيدة بتسمية شارعين باسمه في الرياض وجدة، بالإضافة إلى شارعين (آل
زعير) في الدرعية.
محمد إبراهيم محمد فهد بن زعير.
المصادر
والمراجع:
-
(د. عبد الرحمن السبيت - اللواء الركن حسن البدر – محمد
التوبة – د. عبد العزيز الشعيل – د. طه الفراء- د. حسن صالح عثمان)، كنت مع عبد
العزيز.
-
أ. حميد الأحمد، فهد بن زعير مسيرة رجل في مسيرة دولة.(تحت
الطباعة).
-
الأمير سعود بن هذلول، تاريخ ملك آل سعود.
-
د. سعد العريفي – د. فاطمة الفردان، برنامج (رجال عبد
العزيز)، الحلقة 1( فهد بن زعير)، عبر القناة السعودية الأولى.
-
د.سعد العريفي المدونة.
-
د. فتوح الخترش، تاريخ العلاقات السعودية اليمنية
1926-1934.
-
د. محمد بن أحمد العقيلي، تاريخ المخلاف السليماني.
-
رواية شفهية الشيخ مطلق العيسى وعبدالعزيز بن عبدالله
الزعير في الأفلاج.
-
روايات شفهية صلاح الزامل مع الحفيدين عبدالرحمن بن صالح،
فهد بن عبدالله.
-
صحيفة الجزيرة، رجال من التاريخ، حوار أ. محمد الوعيل مع
الجد محمد فهد الزعير.
-
صحيفة الرياض، مقالة فهد بن زعير المحنك والحكيم، إعداد
صلاح الزامل.
-
عبد الله الخميس، الدرعية العاصمة الأولى.
-
اللواء الركن خالد المرعيد، مسيرة حياة... لخدمة وطن.
-
مقالات التأسيس والتوحيد في الصحف المحلية.
-
موقع مقاتل الصحراء الإلكتروني.
-
وثائق من دارة الملك عبد العزيز.
-
وثائق من وزارة الحرس الوطني.