الجمعة، 27 نوفمبر 2015

احتراق على الأوراق



تحتك فكرة ما بصخرة ألمي فتنبثق شرارة تومض 
ثم يشتعل النص بيدي على الورق . 

***
خفافيش الظلمة 
تواري الفساد خلف ما صنع قابيل بيديه 
تحت حشائش الأجهزة  
لا أسمع إلا طنين الجريمة 
و صراخ الفجيعة 
قابيل نزع أمل القلوب البريئة
فقتل صفاء الطاهرة
فيك يا أبي و أغلقوا القضية  
بأعذار الأوبئة الواهية 
سوف ننتصر بأصوات العدالة 
ثم حدود سيوفنا الصارمة 
ليعود لهابيل حقه 
المغتصب في الحياة

***

غرب النهار 
أفلت يا أبي بالأسحار 
ننتظر معك الإشراق بالفردوس ذي الأنهار 
مر على جسدك الضئيل الطاهر أمراض و قفار 
حبسوا دمعي من المحاجر ونضحت الأسرار 

***

أستمد من دمع الآفلين حبري فأشهق كلمات ثم أحاول أن أزفر..
أتنفس الألم بكل صدري 
المثقل بثاني أكسيد الزوال.

****

تعاقبت شموس و أقمار من أرق 
عيدٌ حزين.. انبثق عهد الفراق
زلزلت المقلتان سيلاً ترقرق
أشرق الأضحى بهم قد غرق
تُحيي الشعيرة بنظام متتابع متسق
فُرش برزخك بسندس أخضر وألق
الروح بزاد الصالحات حلقت في الأفق
تصديق إحسان بالخالق ببديع ما خلق
كل عام و أنت في نعيم مقيم 
و رحمات عليك تهطل
ما كتب خير الحروف بالورق 

****

زرعت بي وطناً يهطل كتراتيل الحمام 
توردت الشهامة تحوم بالزحام 
يا فارساً ترجل.. وكسر رمحه والحسام 
تنكس اتجاه الامام 
لدي أمل، ليته يبقى! يحيي نجاح الأحلام

***

محمد بن إبراهيم بن زعير

الثلاثاء، 17 نوفمبر 2015

مرثية مرحوم إلى والدي رحمه الله

مرثية في والدي إبراهيم بن محمد بن زعير 
رحمه الله و نور قبرة و اسكنه الفردوس 

مرحوم يابقايا صورة المرحوم
أشوف ذكراهم بشوفك و إختفت

ياعم أنا شفني من بدّكم محروم
مالحقت العمر و نفسي ما اكتفت

اشوف ربعي و أنا بالحزن مكتوم
و الا انفرد بي الليل عيني ماغفت

أبوي راح و أنا من فقد أبي مسموم
وعودت دنياي لي و بالفقد أردفت

وخذت إخوان أبي والقدر محتوم
ذاك مراح دنياي ولاعاد انكفت

ياعم وش معجلك ماروينا علوم
ولا شبعنا طيب والجراح نزفت

أبكي على فقدك و أنا صغير القوم
وكبير قومي صد عني ما التفت

مايبغي يصدق في عيوني اليوم
خبر وفاتك عسى المخابر نفت

وسمْع المعزي يقول ذا العمْر مايدوم
وصدّقت عينه عزاهم و ذرفت

يالله أجبر مصابي ياحي ياقيوم
واجمعنا بجنات لْعبادك صفت

أبيات / بندر بن صالح الزعير

الاثنين، 16 نوفمبر 2015

ربّ أخ لم تلده أمّك


تلدنا أمّهاتنا، وتتركنا مع الحياة كي نصارعها، تصرعنا فنركب أمواجها ونحافظ على توازننا لئلا نقع أرضًا. ربما قد تبدو لنا خيوط الفرح برفقة أخوة لم تلدهم أمهاتنا، يساندوننا في لحظات الألم، ويرفعون عنّا لثام الحزن، ويبدّلون نظرتنا إلى الحياة، لنحلّق معهم عاليًا.
"ربّ أخ لم تلده أمّك"، مثال رائع بمعانيه الحقيقية، لا اختلاف في التّعبير عليه، ولا فيما  يحمله من معانٍ، فمع كل حرف ينزف منه،  نعثر على همسة وامضة تخفي أسئلة جوهرية ووجودية. فآه آه، أما زال في الوجود إخوة لنا في الله؟ أما زالت هناك زهرات تثمر حبًّا أخويًّا؟ بكل صدق، ومع محبتي وتقديري للبشر، بلى، هناك جود يهبه الدهر لنا، ولم نعثر عليه في رؤية العميان... 
بين ألطاف القدر من يقدّر الكلمة، وبين أحواز الدّنيا من يخفي كرم الأخلاق الإنسانية، والاسم سواء صرّحنا به أم لم نصرّح به، لا يهمّ، فكمال الأخلاق، وجمال القلوب، ما هو سوى جوهرة زرعها الله سبحانه وتعالى في قلب جزء من عباده.
فهنيئًا لكلّ أمّ أرضعت وليدها حليب الطّهر، وهنيئًا لها أن نفخت فيه صوت الأخوة الصّادح في حياة فقَدَ أبناؤها رونق المحبة، وطيب العشرة. لا غرابة إذا اكتسى الجميع ثوب البشاعة، في تاريخ لم يعد يعرف سوى التصنع والتلون والتّكلف في الحوار، ولا يتقن سوى الكره والغرور والحسد في السلوك. أمّا الأرواح الخالدة فتلك الّتي لا تتكاثر إلا بصمتٍ، وبلونٍ خاص بها، لتقف في وجه الحياة وتطفو متعالية عن الغرور، نابضة بقيم كونية متأصلة، ومن ناله هذا الشّرف فقد حمل وسام السّكينة والطّمأنينة ومنحه الله ما لم يُمنح لغيره.
وما بين الألم المسكون في الأضلاع والأمل المفتوح على مصراعيه في سر مخبوء خلف غصن نبت تحت جناح الخجل، يظهر لنا بعض الأخوة لا يتبجحون ترفًا، ولا يبسطون معارفهم بفحش الغرور، ولا يفاخرون بالتّفرد العقيم، بل يرتقون سلم السّمو ببساطة الاعتزاز، وحقّ لهم ذلك، وحقّ لي أن أكتب بلغتي النّازفة: شكرًا ربّي على نعمك العديدة، وعلى ما وهبتني إيّاه من إخوة صالحة في الدّين والدّنيا، فلا شيء يفيد في صخب الحياة وخداعة المظاهر وغباء الغنى سوى روح سرمدية، عاشقة لغيرها، مقدّسة ما في القلوب لا ما في الجيوب.
فمن أي مورد سأنهل كي أوفيكم جزءًا من وقفتكم؟ ومن أي قاموس سأحضر فيالق الحروف المتناثرة كي أجمّعها في باقة وردية لغوية وأنثر عطرها فوق دروبكم؟ فأنا لا أمتلك سوى حبر ألفاظي المشاكسة كي أزيّن بها صفحاتكم.
أدرك اليوم قيمة التّسامح أكثر من أي يوم مرّ، وقيمة الأصوات المتثاقلة الخطى عن صوت  الطّيش المتسارع المبثوث بين أضلعنا، وقمية الأخوة في ابتكار لحظات الانتماء الرّوحي والوجداني والأسري، وحسبي أن أقول:
أخي، أختي في الله أعدكما أن تكون عواطفنا حرّة خالية من التّزلف والتّكلف، وأهديكما أولى إشارات الوفاء كي تنير سكون أمكنتكما، ولن أتوانى يومًا عن تقديم ما يليق بكما من مساعدة أو وقفة أو أن أبعد منكما غراب اليأس، وبومة التّاريخ.

قلم المتألقة الراقية الدكتورة / نورا مرعي 👍🏻

الثلاثاء، 3 نوفمبر 2015

تكوّنَ الكيانُ من تكوين



تكوين 
"كل النساء كلمات عابرة، وأنتِ وحدك نص القصيدة"
محمود درويش
 
تجربتي الأولى في تعلم الإبداع كانت مع مصنع الحروف (تكوين)، حيث كنت متدرباً ضمن نخبة من شباب وفتيات مختلفي البيئات، لأجد نفسي بين مجموعة خلفيات أدبية منوعة، ثقافات عربية وإنجليزية واسعة، عدة مشارب ثقافية، وعدة ألوان قرائية، تخصصات مختلفة وعلاقات قوية بين المثقف والآخر، حس رقيق لشتى الفنون الإبداعية.
شعرت أنني أحتل المركز الأخير بينهم، لكنّ ما أعجبني فعلاً، أن الجميع يمد يده للجميع، وجدت مجتمعاً شبابياً متأهباً للمساعدة، للمساهمة بالمعلومة والفكرة، شعرت حظيت في أوفرة مساندة .
المادة التدريبية التي حصلت عليها كانت عبارة عن اجتهاد شخصي من الروائية الكويتية الأستاذة / بثينة العيسى، حوارات ومقالات وأبحاث عن فنون الكتابة الإبداعية قامت بتجميعها وترجمتها من عدة مصادر من الأدب العالمي بمساعدة فريقها التطوعي، وقد ابتكرت طرقاً تعليمية تدعم الكتابة الإبداعية من خلال الفنون الأخرى.
واللافت في الأمر، أنه برغم اختلافي مع المدربة في فكرة التوجه إلى الأدب الغربي في التدوين - وذلك لجهلي بتأخر العرب في فنون الرواية - كان صدرها رحباً في تقبّل الاختلاف، كما أن طريقتها في إشعال فتيل المشاركة والتفاعل والتجاوب وصناعة الإبداع الكتابي في ورشة العمل التدريبية داخل القاعة، بدا لي كما لو أن آلة ديناميكية ظلت تعمل طول الوقت، كان المتدربون يستحون من المشاركة لكنها تكسر كل الحواجز لتوصل الفكرة.
فكأن الأديبة/ العيسى عصرت تجربتها الأدبية كاملة في كأس وسقتنا إياها في هذه الورشة، حيث ركزت بشكل كبير وأساسي على فكرة وآلية تحويل الصورة إلى كلمة، حيه بالحواس الخمس.
الدوافع التي تدفع (العيسى) لكل ذلك، يمكن أن يستشفها المتدرب من طريقة التدريب وتفاني المدربة في دعم مشروعها، حتى أن ذلك غيّر الاعتقاد الخاطئ الذي كان يراودني عن أن الدوافع وراء الكتابة تنحصر في الشهرة أو المال فقط، فما عايشته كان أخطر وأبعد من ذلك بكثير.
وعن نفسي، أهم مبدأ تعلمته خلق وابتكار المفردة والتلذذ بتراكيبها اللغوية الحديثة إكتشفت بعدها 

دافعي الحقيقي لنقش السطور التي غطاها الغبار، فأنفضه عنها أخيراً بواسطة (تكوين)
لكنني تهرب مني الحروف أجمعها بكل ما أوتيت من ألم، إن الكلمات وجهي الحزين، فؤادي الذي تملأه بالجروح، إن الكتابة تشفي كما أنها تشقي، لا أدري كيف أصف الواقع لمن يقرأ لي.
والذي أشعر به فعلاً، هو أنني مهما ابتعدت عن المفردات فإنني أراها تحاصرني، مع أنني لم أمتلك إلا قبضة من أثر القوم، أواجه جحافل الفاسدين بقلم غريق ضعيف الصوت، لقد اتضحت الصورة لي الآن، فالكتابة ليست المال الوفير، أو الشهرة العالمية، إنها الكيان السيامي الذي يصعب الانفكاك عنه.

" القلم عصاي التي أتوكا عليها وأهش بها على ألمي " محمد العلون 

وإنني أنصح بدعم مشروع (تكوين) والاستفادة منه مثل هذه المبادرة التي يكون هدفها الأسمى هو الريع الخيري لتعليم الأطفال الفقراء، وتطوير متدرب اليوم ليكون مؤلف الغد، عبر تزويده بمهارات أدبية عالية. ودعمه بقطع التذاكر التي تلزمه للتحليق بطائرة النجاح في هذا الفضاء الفسيح، كما أن من لديه بذرة تدوين فإن تكوين هو ربيعه الخصب الذي سيرويها ويتعهدها حتى تنمو.


محمد بن إبراهيم بن زعير