خيلُ الهوى يا رسولُ
بَلِّغ الشامَ أنني متبول
إن عندي من المواجع ما يشفعُ
لي عند حُبِّه يا رسول
أنا عندي جوىً وسهدٌ وشوقٌ
ورحيلٌ وعبرةٌ ونحول
بَرَدَى.. يا ضفيرةً في دمشقٍ
أنت لحنٌ مِن عطرها مجدول
علّمتني الهوى دمشقُ أيا (حسناءُ)
ليلٌ غافٍ وخدٌّ أسيل
فصِلِيني بكبريائي، فإن أَنْحَنِ
تُسرَجْ إلى الفراق الخيول
اعتيادي على الرحيل مُقامي!
ومُقامي -أيّان كان- رحيل!
وأنا فصلٌ خامسٌ أين أمضي!
كيف تأتي في بعضهنَّ الفصول؟
إنّ أقسى من القنوط من الناس
حياةٌ يَحُوْطها التأميل
أنا فيهم قصيدةٌ من حروف الشمس
أوهى أبياتَها الترتيلُ
أنا رؤيا.. غموضُها في رُؤاهم
وغموضاً يزيدها التأويل
موجِعٌ أن تكون أغنيَّةً تَهطل
ضوءاً وأنّك المجهول!
هكذا كنتُ وردةً واتّقاداً
فصَليلٌ في داخلي وهديل
في يراعي أذبتُ خفقَ الضحى..
أنْحتُ صوتي في قامةٍ لا تميل
ذروةُ الظلم أن تعيش تَبوعاً
وانتظارُ الآتي، وفِكرٌ كسول
وإذا الخيلُ ما عدَتْ في سوى المضمار؛فالكلُّ صهوةٌ وصهيل
ظامئٌ للضياء، أستاف من هالة
شمسٍ هي المُحول المُحول!
إنّ في داخلي طيوراً من الحرّية
الجرحِ ما لهنّ نزول
لانتجاعي حرّيتي وطني أينع
في مُجدبِ الحقولِ الذبولُ
غربةٌ أرهقَت حروفي، مسيرٌ
لمسيرٍ.. أَشَدُّ منه الوصول!
وطني غربتي إذا ما تبدّى
مُنهَكاً مِن عُقم الصحارَى الهطولُ
أنا لي صوتيَ الذي هو صوتي
وركوبي موجَ الصدى مستحيل
من شموخي يُهَزُّ جذعي، كما يُغدِق
من عِذق كبرياءَ النخيلُ
د.سعود بن سليمان اليوسف
-------
٢- قصيدة ( نقيضان )من ديوان (سيرة الشجن )
يا لهذا المساءِ..
تراتيله ما تهجـَّى طلاسِمَها كاهِنٌ
لكأنَّ المدى ورقٌ
والحنينَ ثقابٌ
وكلَّ القصائدِ
نكهتها كالرَّمادْ.
قد أتيتُ بميزانِ أخيِلتي
لأكيلَ لمَنْ أهرَقـَتْ خافقي
ما تيسَّرَ من نابضاتِ حروفي
فطَفـَّفَني الوعدُ
والصبحُ
والانتظارُ
وخيطٌ من الدَّمعِ
أنشرُ فيه غسيلي من الحزنِ
علَّ الهدوءَ يعودُ
إلى أعيُنٍ
لم يعُدْ في قواميسها
مفرداتٌ
لإيصالِ معنى الرُّقادْ.
إنني شاهدٌ
في جريمة قتلي
ومُتـَّهَمٌ
ومُدَانٌ
تمزَّقتُ بيني وبيني..
أنامُ ولكنْ بغير عيوني
وأغسِلُ غيرَ يديَّ
توزَّعتُ بين نقيضينِ
بينهما ألفُ وادٍ
ووادْ.
د.محمد السقاف
------
٣-قصيدة ( يمرُّ العامُ بعدَ العامِ )
يمرُّ العامُ بعدَ العامِ
يقتلُني ضجيج الريحٍ في الصحراء
وَلا كهفٌ يُواري سوْأتي
لا جذْوَةً في الوادِ أرقُبُ
لا عَصاً تقتادُ نورَ الله
عُبابُ البحرِ يجثو فوقَ راسَيتي
أجاجاً مغدِقاً أفعاهْ
تشظّت منهُ كلُّ نَوارِسي ظمأى
ترامت ثمَّ تُسبى ، لا صُراخَ يَشُدُّها
وتظلُّ تحبوا نحوَ وقتٍ تاهْ
يمرُّ العامُ لا يُسرايَ لا يُمنايْ
ولا أرجوحَةٌ تهفو لًها عينايْ
وَلا أفقٌ بهِ قمري
وَلا ورقٌ على شَجري
وعزفي جُسْتُهُ في النايْ
لذاكَ اللحنُ نيْروزٌ تَملَّكني
فهل للعامِ ما قد ظلَ يسرقُني ؟!
يمرُّ العامُ بعدَ العامِ
لا مرآةَ أنظرُها وتنظُرُني .. !
ففي رؤيايَ أسقمَةٌ ،
وَذاكَ الضوْءُ يكسرُني
على الأطلالِ شكلُ الصبحِ منهزِمٌ
فُـتــاتَ الطينِ ألمحُني !!
يمرُّ العامُ بعدَ العامِ .. لا كنّا وَلا صرنا ..
وَفي رؤيايَ أندَلُسٌ
زخارفُ عشقِنا غابت وقد غِـبـنا ..!
وفي رؤيايَ كلُّ مدينةٍ للحزنِ تُبنى..
لا أرى إلاكَ نعشي ؛ سندِباداً جفَّ عنهُ النيلْ
يمرُّ النعشُ في حطّينَ حتى بابلَ السّمراءَ حتى آخرَ المنفى
ويعصِفُ خافِقي سجّيلْ
وَلي معشوقةٌ كشفت سَديلَ الروحِ عن جَسَدي
وَصوتُ بُكائِها ترتيلْ
تُتَمتِمُ بضعَ آياتٍ وَتسرِقُ قُبلَةً أخرى
وَترحَلُ دونَما إكليلْ !
وَأبقى في ظلامِ التيهِ بطنُ الحوتِ يحمِلُني
وَيقذِفُني إلى ما شاءَ يقذِفُني
وَينقُشُني رُسوماً من رُؤى أربيلْ
هُنا الأنباطُ قد نَحتوا
جِبالَ الصخرِ في جلمودِها الأزَليّْ
هناكَ الغارُ وحيُ اللهِ للأمّيْ
هُنا روما تراقِبُ جيشنا المكّيْ
هُناكَ القدسُ والمفتاحْ
وَقِصّةُ عهدِنا العُمَريْ
هُنا يا أمّتي التاريخ
يَشدُّ لجامَهُ العَرَبيْ
هُنا وَهُناكَ أصْدائي
وَخيْلي في المَدى تصْهل
هُنا وَهُناكَ صحْرائي
وَهاجَرُ لم تَزلْ تحبلْ
هُنا وَهُناكَ لي نارٌ وَلي جدولْ
وَلي سمتٌ هُبوبُ الشرقِ تسطَعُهُ
وَذاكَ الغربُ ظلّي عندَهُ يظهرْ
وَلي ما حازَهُ كِسْرى
وَلي ما حازَهُ القيصَر ْ
وَلي قمحٌ مُحمّلَةٌ سنابِلُهُ
هُنا وَهُناكَ لي سَعْفي ، وَلي مجدٌ أبارِكُهُ
ولي وقتانِ يحتدمان ، وقلبٌ هَدَّ صاحِبَهُ
ولي حلمٌ يحاصِرُني
يساوِمُني ؛ أحاصِرُهُ ..
ولي اسمٌ كما الأسماء ، ولكن لستُ أعرِفُهُ !!
ولي أسطورةُ العنقاء ،
وبُعدٌ هئتُ أقرُبُهُ
وَلي ما صارَ لي
بئرٌ وَذئبٌ ظلَ ينهَشُني
وَلي ما صارَ لي
سبعٌ عِجافٌ لا أرى نقشي
وَلا بلقيسَ تدنو الآنَ من عرشي
وَحيداً في المَدى أمشي
وَعيْني جارَ مِكْحَلُها
وَسادَ الدّودُ مِنسَأتي
دُروبُ الخوفِ أسلُكها
فَكم يا ربُّ كم أمشي ؟!
فكم يا ربُّ كم أمشي ؟!
م.أحمد الوراقي
---------
٤-(فلسطين) من ديوان ( شيء من هذا الوجع )
فلسطين هذي العيونُ شرابُكْ
وذا القلبُ يعشقُ منك ترابَكْ
رويت فلسطين من أدمعي
بل رويتُ بحبٍ قلوبَ الـورى بكْ
فكوني مدارَ الصمودِفمنـهُ
شبابٌ وخير الشّبابِ شبابُكْ
وقدسّ كلــؤلؤةِ الأرض طـرًّا
سيكشفُ عنكِ يقينًا ضـبابُكْ
وتنزفُ جرحا أبيًّا صبورًا
ويروي تجاعيدَ وجهي سحابُكْ
ستبقين ملهمةَ الشّعرِ دهراً
فدهراً إلى أن يجفَّ كتــابُكْ
بتحرير زيتونةٍ في الأقاصي
ويستيقظ المجدُ والمجدُ بابُكْ
د.نورا مرعي
---------
٥-نص روحانيات
يا الله
يا الله من سواكَ يَعرفني
ويعرفُ ما لا أرتَضي
من سواكَ يَسمَعُني
يعرفُ رُشدي وسذاجتي
كم تدّجَجَ بالغادرين
عُمري
وكم طِيبتي تحكُمُني
تعلمُ أني من الكادحين
وما طلبت من المال إلا مايَكفني
ومن العشقِ إلا مايَحمني
حفظت المقامات.
كسبت الحاقدين
حدثتُ كل الناس خوفا من كِبر
أسيدي القلم قلبي وراحتي
وما كانت غايتي؟
سُؤلي محبة الناسّ لا الغِنَى
لم العذل إذا
مُلتَج
في الحروب
لأغتنم طيب النّفوس فوالله
ما وضعتُ الدُروع
ضاقت بي الارض
بين الجنون.
والحرف المجون
إراقة الحِبر
على روحي تَقضي
كَم غايَة بك أدركتُها دونَ صِعاب
كم ناجيتُك دون حِجاب
كم نَشرتُ قِيمَ الأخوةِ بين الأعراب
فمن أي زمان أنا؟
تشبثتُ بأحبابٍ
رغمَ أنهم أغلقوا بوجهي ألف باب
فمن أي زمان أنا؟
ما أردت سوى
أن أكتب في الهَوى
وما ظمئتُ إلا
في لغتي
ووشمتُ في دَمي مُخيلتي
وإتخذتُ بيوتَ كلِ الخلقِ صَومَعتي
وما أملِكُ سِوى أدعِيتي
ومحبةُ عائلتي
لم أنتسب لا لأرض ولا لسماء
حملتُ الطيب من أقاصِي رُوحي
لزقاقِ قلبي كلُ صِفتي
أنسلخ لحميّ من شدةِ صَرختي
من الحزنِ و حَسرتي
ومامشيتُ سوى بمحاذاةِ أروقتي
فأصهلُ في مربطِ قربكَ
بصوت شاهقٍ بك أستجير.
تَداركتُ
التلعثمَ في محبرتي
وعقلي اليوم يُهادن تَمتماتي
فوحدك من يسمعُ الشَكوى
دون حَاجةٍ أو مبتَغى
م.ولاء زيدان
------
٦- نص (يُحكى أن ...!! )،من كتاب
(حكاية بنت تسمى ثرثرة )
يُحكَى أنّ … هناك مشاعر نافرة , تأبى الانصياع للواقع, فتمردت على ماهو
مألوف طلبا لفضيلتها المفقودة, انكسرت الكلمات على قارعة طريق الحكاية التي
تأبى إلا أن تعيش في غفوتها وغفلتها متوارية عن أنظار اللغة ,باحثة عن فضاء
يحوي قنوطها القلِق المنفعل , تغفو الأفكار تحت شجرة “أكاسيا ” تستجير
بداخلها ترتل أنغامها الفطرية .
يُحكَى أنّ … الخليقة بدأت بـ اثنين ” ذكر, أنثى” يعيشان بتوافق متوازٍ , يدوران
حول بعضهما كشمس وقمر , يحملان صورا فوتوغرافية عددها ستة تحكي قصة
الآخر منذ أن كان صفرا , ليصلا إلى حالة تتلاشى فيها من حولهما كل مظاهر
الحياة , فتتحد روحهما في نرفانا سماوية عالية .
يحكى أن … روحا تسامت فوق كل شيء , حتى وصلت إلى سماء اجتمع فيها كل
ألوان الحب, فغرقت بالألوان .
يحكى أن …شاعراً قدم هجاء حارّاً للحياة , فغضبت عليهوزلزلت الأرض من تحت
أقدامه , ولكنه لازال في غيّه , يهجو ويهجو …فطبيعته العنيدةتفوقت على غضب
الطبيعة .
يُحكَى أنّ … حبا غير متكافئ بدأ وتصاعد دثرّ الحبيبة بكنزة بيضاء كالياسمين ,
رذّ عليها قطرات من ليمون العشق , وتحت رواق الحب قال لها : عيناك تبشران
بقدوم الربيع, ثم تركها ورحل , كانت تقرأ في عينيه ما اختبأ من طفولته , ثم
سرقت ضحكة نقية باسترسال ,واستسلمت لوجع الزمن , محتضنة حلماً ناقصاً …!!
د.زينب إبراهيم
-----
٧-من ديوان عندما يكون الحُزن لطيفاً قصيدة ( شُعلة )
في وقت مضى
لم تكن ترغب سوى بالقليل من الوهج
يشرق على جبين صباحها
ليلقي بالرّماد جانبا
يعرّى الملامح من الدهشة
و ما بين موعد وصمت
أراها تسير نحو الضوء كفراشة
أ.أروى المهنا .